الأصمعي هو عبد الملك بن علي بن أصمع الباهلي، أبو سعيد الأصمعي، ولد بالبصرة سنة 121 هـ وتوفي سنة 216 هـ وهو من أئمة العلم حيث اشتهر بعلمه في الشعر واللغة والبلدان، وكانت قصة الأصمعي والأعرابي من أروع القصص التي دلت على عظمة اللغة العربية.
قصة الأصمعي مع الاعرابي العاشق
للأصمعي سلسلة من القصص والحكايات منها: الأصمعي والملك، والعصمي والأمير، والأصمعي والشاعرات الثلاثة.
والكثير من القصص الأخرى منها: الأصمعي والفتى العاشق وهي تحكي القصة أن ولدًا وقع في حب فتاة، وكانت تبادله نفس مشاعر الحب.
وفجأة قطعت الفتاة الاتصال به، وكان الحب والحوار العاطفي بين بعضهما البعض، وانتقطعت أخبارها ولم يلقاها مرة أخرى.
- وظل الفتى حائراً لفترة من الزمن يبحث عن الفتاة وفي أثناء تجولة في صحراء البادية وجد حجر وكتب عليه:
” ألا يا معشر العشاق بالله خبروا إذا حل عشق بالفتي ما ذا يصنع”
- وقد كتب الأبيات الشعرية يناشد أهل الهوى ليعطوة النصيحة ثم ذهب الفتى، وكان الأصمعي يمر فوجد الحجر وما عليه من شعر، وكتب يرد على الفتى قائلاً:
” يداري هواه ويكتــم سره ثم يصبر في الأمور ويخشع “.
- ثم جاء الفتى في اليوم التالي وقرأ رد الأصمعي فقام بكتابة ما يلي:
” كيف يداري والهوى قاتل الفتي وفي كل يوم قلبه يتقطع “.
- وبعدها جاء الأصمعي فقرأ ما كتبه الفتى ورد عليه قائلاً:
” إذا لم يجد بد لكتمان سره فليس له شيء سوى الموت أنفع “
- في اليوم التالي جاء الفتى وقرأ ما كتبه الأصمعي فكتب أيضاً:
” سمعنا وأطعنا فمتنا فبلغوا سلامي إلي من كان للوصل يمنع “.
- وبعد أن كتب الفتى هذين البيتين قتل نفسه، فقام الأصمعي بكتابة هذا البيت:
” نعيما لأرباب النعيم نعيمهم وللعاشق المسكين ما يتجرع “
- شاهد ايضا قصة حاتم الاصم والحج
قصة الأصمعي مع الأعرابي وفي السماء رزقكم
يذكر الإمام موفق الدين ابن قدامه في كتاب التوابين:
أن الأصمعي قال:
ذات يوم أتيت من مسجد البصرة،وبينما أنا في بعض السكك، إذ ظهر أعرابي جلف على قعود له ماسك السيف والقوس، فاقترب وسلم وقال لي : ممن الرجل؟
- قلت: أنا من بني الأصمع.
- قال: الأصمعي؟
- قلت: نعم.
- قال: من أين أقبلت؟
- قلت : من مكان يتلى فيه كلام الرحمن.
- قال: للرحمن كلام يتلوه الآدميون؟
- قلت: نعم.
- قال: اتلُ منه.
- فقلت: إنزل على قعودك.
ثم نزل وبدأت بقراءة سورة الذاريات، فما وصلت لقول الله تعالى ” وفي السماء رزقكم وما توعدون”.
- قال الرجل: يا أصمعي هذا كلام الرحمن؟
- قلت له: أي والذي بعث محمد بالحق إنه كلام أنزله على النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
- قال لي : حسبك.
ثم قام الرجل إلى الناقة فنحرها وقام بتقطيعها بجلدها، وقال: ساعدني على تفريقها.
- شاهد ايضاً: قصة عن بر الوالدين للأطفال
فقمنا بتفريقها على من أقبل وأدبر، ثم كسر السيف والقوس ووضعهما تحت رجليه.
وولى الرجل نحو البادية وهو يقول :
” وفي السماء رزقكم وما توعدون “.
يقول الأصمعي فأقبلت على نفسي لوماً، وقلت : لم تنتبه لما انتبه له الأعرابي.
لما كان الأصمعي يحج مع الرشيد خل مكة وهو يطوف بالكعبة، هتف به هاتف دقيق.
يقول الأصمعي فالتفت فإذا به يرى الأعرابي نحيلاً مصفاراً فسلم عليي وأخذ بيدي، وأجلسني وراء المقام.
وقال الاعرابي للأصمعي اتلُ علي كلام الرحمن، ويقول الأصمعي أنه قرأ سورة الذاريات إلى أن وصل لآية” وفي السماء رزقكم وما توعدون.”
فصاح الأعرابي: وجدنا ما وعدنا ربنا حقا.
ثم قال: وهل غير هذا؟
قلت له: نعم ، يقول الله” فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون”.
فصاح الأعرابي: يا سبحان الله من الذي أغضب الجليل حتى حلف؟
ألم يصدقوه حنى ألج}ه إلى اليمين؟.
قال هذه الجملة ثلاث مرات ثم خرجت فيها روحه.
طرائف الأصمعي
ويذكر الأصمعي أنه في يوم من الأيام ذهب إلى الصحراء في مجموعات للتنزه والترفيه، وفي وقت الغداء كانت المائدة ممتلئة بالطعام وكان الطعام مليئًا بالسمن.
عندما كنا معًا تفاجأنا بأن أعرابي قطع عمق الأرض، وخلفه كان المشهد مغطى بالتراب، حتى وصل جلس على المنضدة دون دعوة.
ثم مدّ السمن ورفع يده، وتقطر السمن من بين أصابعه وخلط مع الغبار على يده، مشكلاً خطًا مثير للإشمئزاز.
فأراد الأصمعي أن يُضحك الناس عليه فقال الأصمعي:
يا أعرابي ، كأنك أثلة في أرض هشٍّ .. أصابها وابل من بعد رشٍّ
فنظر الأعرابي للأصمعي وعينه محمرة ويسيل السمن من قمه وقال:
كأنك بَعْرَةٌ في إسْتِ كَبْشٍ … مُدَلَّاةٌ وذاك الكبشُ يَمْشي .
فقال الأصمعي : ضحك الناس علي وشعر بالحرج، ثم قال للأعرابس كأنك تعرف الشعر فرد الأعرابي كيف لا أجيده وأنا أبوه وأمه.
- فقال الأصمعي عندي قافية تريد عطاءً وغصت في بحر العربية وما وجدت قافية أصعب من تلك التي تنتهي بحرف الواو الساكنة، فقال الأصمعي للأعرابي:
قومٌ بِنجدٍ عَهِدْناهُم … سَقاهُمُ اللهُ مِن النَّوْ .
- وسأل الأعرابي أتدري ما النو ؟
- قال له الأعرابي:
نَـوٌّ تلالا في دجي ليلة .. حالكة مظلمة لو .
- فقال له الأصمعي ماذا فرد قائلاً:
نَـوٌّ تلالا في دجي ليلة .. حالكة مظلمة لو .
- قال الأصمعي منطو ماذا ؟ قال الأعرابي:
منطَوي الْكِشْحِ قليلُ الحَشا … كالْبَـاز يَنْقَضُّ من الجَوْ
- فقال الأصمعي جو ماذا؟ وكان الأصمعي يريد أن يورط الأعرابي.
- فقال الأعرابي:
جَـوُّ السَّما والرِّيحُ تَعْلو بِهِ … اشْتَمَّ ريح الأرض فاعْلَوْ
- فقال الأصمعي العلو ماذا؟
اعلوا لمّا عِيلَ مِنْ صَبْرِهِ … يَـا صَاحْ تَفهم أَوْ
- قال الأصمعي ماذا؟
أو أضرب الرأس بِصَوَّانَةٍ … تقول في ضَرْبَتِها قَوْ
- قال الأصمعي فما أخشى أن أكمل وأسأله لماذا؟ فيضربها على رأسي وينهي القصيدة!