حديث نبوي شريف عن التسامح والصلح بين الزوجين قصير، الزواج الناجح يحتاج للجهود المشتركة من كلا الزوجين من اجل الصمود في وجه الازمات، فالحياة الزوجية يستحال ان تخلو من الأخطاء والمشاكل مهما بلغت سعادة الزوجين فيها، ولا ينظر للزواج على انه ناجح الا اذا وجدت فيه عوامل الاستقرار أهمها التسامح والعفو، فمن منا لا يخطئ بحق الآخر، وفي سياق ذلك لنتناول في مقالنا حديث عن التسامح والصلح بين الزوجين.
أحاديث نبوية عن التسامح بين الزوجين
الكثير من الأزواج والزوجات لديه مفهوم واعتقاد ان التسامح والعفو يسمح للطرف الآخر أن يتحكم به، وبما معناه انه تقبل الزوج او الزوجة للإهانة، أيضا بمعتقدهم ان التسامح يعني نسيان ما حصل والتعود على ذلك الفعل او الامر، وتكمن المشكلة في ذلك الامر التركيز في الماضي وعدم نسيانه والانشغال في الحاضر، كما ان النبي اوجد احاديث تدل على التسامح والعفو وفضلهما منها:
- عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أنه قال لأم الدرداء -رضي الله عنها-: “إذا غضبت فَـرَضيِّني، وإذا غضبت رضيتك، فإذا لم نكن هكذا ما أسرع ما نفترق”.”رواه ابن حبان، روضة العقلاء”.
- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إنْ كَرِهَ منها خُلُقًا رَضِيَ منها آخَرَ، أَوْ قالَ: غَيْرَهُ).”أخرجه مسلم”.
- عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (خيرُكُم خَيرُكُم لأَهْلِهِ وأَنا خيرُكُم لأَهْلي).”أخرجه الترمذي، صحيح”.
ماذا قال رسول الله عن التسامح
وجاء في تعريف التسامح على انه عفو ومغفرة، وذهبت اللغة على انه التساهل في الشيء او الأمر، وعدم رد الإساءة بإساءة مثلها، والارتفاع بالنفس الى مرتبة أخلاقية عالية، ويعتبر أيضا مفهوم أخلاقي اجتماعي، دعا له جميع الرسل والانبياء الصالحين لما له من أهمية في تحقيق القوة في المجتمع، وجاء من احاديث الرسول فيه:
- “لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخواناً ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث”.
- “إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا”.
- “اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن”.
كيف يكون التسامح بين الزوجين
يكمن مفهوم المسامحة الزوجية في مدى الحب والمودة، والكثير من التفاصيل الأخرى أهمها العشرة والصفح والتفاهم، فأول ركيزة تستند عليها المسامحة بين الزوجين هو نسيان كل منهما ما حصل من الآخر من خطأ او إساءة، والا تكون المسامحة سبيل للعبث بالماضي وفتح ما تم طيه من صحف.
حكم عدم مسامحة الزوج لزوجته
في حال لم ترتكب الزوجة ما نهى عنه الشرع، يرجع سبب المشكلة للزوج، فلا يكون على الزوجة اثم وان غضب زوجها منها، لكن يقع الاثم عليها في حال قصرت في احد واجباتها الشرعية والزوجية، لكن اذا صالحت الزوجة زوجها وارضته وتنازلت عن ما لها من حق، كان لها الاجر الكبير عند الله كون الحياة الزوجية تدوم بالمصالحة.
ما حكم من نامت وهي زعلانة من زوجها
نهيت المرأة عن التعاطي تبعا للغضب، ولا يحق أيضا لزوجها ان يغضبها، وفي حال اغضبها دون حق كان يشتمها او تنغيصها فلا يجوز، وبشان نومها وهي غاضبة من زوجها فلا شأن عليها سواء اغضبها لسبب مشروع او لغير سبب، لكن لا يجوز ان تفرط في احد واجباتها الزوجية او غيرها بسبب غضبها.
من الذي يبدأ بالصلح الزوج ام الزوجة
لا وجود لقواعد ثابتة في العلاقة الزوجية بشان المبادرة في الصلح بين الزوجين، وذلك كون الحياة فيما بينهما مبنية على المشاركة في كل شيء، فلربما الزوج هو الذي أخطأ في حق زوجته، فهنا يقع عليه وجوب الاعتذار لها، وكما الحال بشأن الزوجة ان أخطأت يجب ان تعتذر لزوجها.
فضل العفو والتسامح بين الزوجين
يكمن فضل العفو بين الزوجين في زيادة الحب وتقوية العلاقة بين الزوجين، كما انه يزرع المحبة ويجعل كلا الطرفين متقبلين للأخطاء، يكون العفو بين الزوجين طمع وذوق خاص، ففي وقت تأتي الزوجة لزوجها معتذرة عن خطا ما او تقصير في حاجات زوجها، يعفو زوجها عنها بكل سعادة وسرور، هكذا تشعره انها لم تتعمد ذلك الخطأ او التقصير، وكذا الحال للزوجة اتجاه زوجها.
شاهد أيضاً: العفو والتسامح
التسامح بين الزوجين في الاسلام
شرع الإسلام التسامح بين كل من الزوج والزوجة، وتغافل كلا الطرفين مما يصدر من الآخر في حالات الغضب او الانفعال، ولا ينظر للزواج انه زواجا ناجحا الا في حال توفرت له حالات التمسك والاستقرار، فمن منا لا يبدر منه خطأ والكثير يرى التسامح والعفو ضعفا، فيمتنع عن الحديث مع الطرف الآخر خشية ان حدثه ان يظن بضعفه.
الا ان التسامح والعفو خلقان كريمان وخير ما جاء بذلك قصة ام زرع، حينما روتها عائشة رضي الله عنها للرسول -صلى الله عليه وسلم- فاتبعها بقوله “كنت لك كابي زرع لأم زرع غير اني لا أطلق”، أي انه يكرم عائشة كما اغنى ابي زرع ام زرع الا انه لا يمثله في الطلاق.
متى يكون التسامح ضعف
يستحال ان يكون التسامح ضعف او قلة حيلة، بل ما هو الا قوة عزيمة وإرادة صادقة نابعة من الانتصار على النفس بإيجابية، وما بها من قسوة وغضب وعدوانية للآخرين، يكون التسامح بالتماس اعذار للمخطئ، والبحث عن ذلك الخطأ من اجل تصحيحه والنهوض من كبوته.
طرق التسامح بين الزوجين
اكد الكثير من المختصين ان أساس نجاح أي علاقة زوجية بين اثنين بنائها على التسامح، ودون تلك الصفة لا يكون الزواج علاقة حياتية ناجحة ومستمرة، ولذا يجب ان ينسا كلا الطرفين الأخطاء الغير مقصودة وتجاهلها، من اجل بناء حياة اسرية مبنية على أساس متين، ومن تلك الطرق:
- البحث عن الأسباب: التعرف على أسباب الخطأ ومناقشتها من الطرفين والتوصل لحل لها.
- نسيان الأمور الماضية وعدم استرجاعها: وذلك من اجل المحافظة على حياة زوجية مستقرة تجنب ما مضى والتركيز في الحاضر.
- اعطاء الزوج بعض الوقت: ان توضع الزوجة لزوجها انها لم تقصد ما اقترفته، ففي بعض الاوقات من الصعب ان يسامح الزوج زوجته.
- التذكير بالمواقف الإيجابية: عند وقوع الخطأ حاول صرف انتباهك عنه واتذكر ما جمعكما من مواقف إيجابية ولحظات سعيدة.
- البحث عن طرق لتحسين وتجديد العلاقة الزوجية: وذلك في حال كانت الزوجة إيجابية مبتكرة لأساليب جديدة في حياتها الزوجية، يساعد ذلك في تخطي المحن والخطأ.
ما الفرق بين العفو والتسامح
يعود العفو في اصله للمسح والذهاب بسبب القدم، لان العقوبة تمسح عن الشخص المذنب، وتكون المسامحة في اسقاط المؤاخذة واللوم بغض النظر عن اسقاط العقوبة عن الشخص المذنب، فالمسامح يغض النظر عن المؤاخذة واللوم ويتصرف كان لا شيء كان، والمذنب يكون قد نال عقابه وانتهى.
حديث نبوي شريف عن التسامح والصلح بين الزوجين قصير، من الفضائل الأخلاقية الهامة في الحياة، كلاهما يهدفان للتخلص من الأضغان والاحقاد، ولهذا حبب الإسلام التسامح والعفو بين الناس.